-
-
-
-
-
-
-
ديانتان تحت راية واحدة
ديانتان تحت راية واحدة بقلم أيان ألموند … عندما سقط الجنود الإنكليز والأتراك جنباً إلى جنب في ساحات القتال في شبه جزيرة القرم، لم تكن تلك هي المرّة الأولى التي تسيل فيها دماء مسيحيين ومسلمين وتمتزج في قتال ضدّ عدوّ مشترك، يكثر الحديث اليوم عن “صراع الحضارات”، وعن هوّة لا يمكن ردمها بين العالمين الإسلامي والمسيحي. لكن، في هذا الكتاب الجريء والثوري، يُظهر إيان ألموند أنّه في أوروبا – أي في قلب الغرب – لطالما كان المسلمون والمسيحيون رفاق سلاح، وتحالفوا تكراراً لشنّ حروب ضدّ مسلمين ومسيحيين آخرين. فبينما نقرأ عن المعارك الوحشية والحصارات الطويلة وأعمال البطولة الفردية العديدة، نكتشف أنّ قوّات عربية احتشدت بالآلاف تحت راية إمبراطور مسيحي خارج أسوار فيرونا، كما نجد أنّ مسلمين أندلسيين تكاتفوا مع جيرانهم الكتلانيين المسيحيين أثناء معارضتهم للقشتاليين، ونسمع عن يونانيين وأتراك شكّلوا حصناً منيعاً ضدّ الصرب والبلغار؛ عدوّهم المشترك. وأخيراً، نقرأ عن عشرات آلاف المجريين البروتستانت الذين ساعدوا العثمانيين في زحفهم المخيف على فيينا المسيحية. كما يُظهر المؤلف، إنّ فكرة وجود تعارض قديم بين “أوروبا المسيحية” و”اللاأوروبا المسلمة” تشوّه على نحو فاضح وقائع تاريخ غنيّ، ومعقّد ومشترك قبل أيّ شيء. فالدبلوماسيات المتغيّرة، والمصالح الذاتية البراغماتية، والسياسة الواقعية هي التي أملت تلك التحالفات بين الديانتين، وليس الجهاد أو الحرب الدينية. ولهذه الرؤية انعكاسات عميقة على فهمنا للسياسة العالمية، والشؤون الحالية، فضلاً عن التاريخ الديني والشكل المستقبلي لأوروبا. يتألف الكتاب من خمسة فصول توزعت على العناوين الآتية: الفصل الأول: إسبانيا القرن الحادي عشر تحت حكم ألفونسو السادس “إمبراطور الديانتين”. الفصل الثاني: فريدريك الثاني ومسلمي جنوب إيطاليا. الفصل الثالث: التحالفات التركية المسيحية في آسيا الصغرى 1300- 1402. الفصل الرابع: مسلمون، وبروتستانت، وفلاحون: المجر العثمانية 1526- 1683. الفصل الخامس: حرب القرم (1853-1856): مسلمون من كلّ حدب وصوب.
-
دين الإنسان ؛ بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
ن الدين هو أحد السمات الرئيسية التي ميّزت الإنسان عن غيره من الكائنات، منذ أكثر من مائة ألف عام من عصرنا هذا، وقد مثل الدين محرضاً أساسياً وهاماً في حياة البشر عبر عصورها. ويسعى الباحث في كتابه إلى وصف تلك الظاهرة الدينية وذلك بهدف التعرف على هذه الظاهرة وعلى حقيقتها كما هي، وذلك عن طريق وصفها وصفاً دقيقاً، وعزلها عن بقية ظواهر الثقافة الإنسانية المتعددة. وفي سبيل هذا الهدف حاول الباحث في دراسته هذه تجنب أمرين، الأول فلسفة الدين، والثاني تاريخ الأديان، لذا كان توجهه في طريقة معالجته لهذا الموضوع وبشكل تلقائي نحو المنهج الفينومينولوجي-الظاهراتي، والفينومينولوجيا هي طريقة وصفية في البحث، يبتعد الباحث من خلالها عن النظريات الفلسفية، في محاولة لحدس ووصف الظاهرة كما تبدو لتجربتنا المباشرة، أي وصف طبيعتها وطرق تبدياتها وتعبيراتها عن نفسها دون إرجاعها إلى أية ظاهرة. هذا عن الفينومينولوجيا الفلسفية. أما عن الفينومينولوجيا الدينية، فإنها تطبيق لطرائق الفينومينولوجيا على دراسة تاريخ الدين، أي أنها تشغل مكان الوسط بين الفلسفة والتاريخ، وتطرح منهج بحث عملي، لا فلسفة بالمعنى التقليدي هذا.إن ما يميز الفينومينولوجيا الدينية بشكل خاص، هو ميلها إلى العمومية، وتقصيها لكل ما هو مشترك وعام بين الظواهر الدينية. وهي إذ تصف وتنظم وتنمذج موضوعاتها، إنما تعمل على استقصاء البنية والجوهر والمعنى في الظاهرة الدينية. وعلى هذا فإن ما يضعه الباحث بين يدي القارئ طيّ كتابه هذا، هو مساهمة في فينومينولوجيا الدين، متميزة بالجدّة في مقترباتها ومعالجتها ونتائجها.وعبر نظرة استجلائية نجد أن الباحث قدم بحثه هذا ضمن أبواب سبعة دارت حول المحاور التالية: مسائل أولية في المصطلح والتعريف، بنية الدين، الأشكال الاجتماعية للدين ومستوياته الشمولية، المعتقد، أو بنية الحدّ الأدنى للظاهرة الدينية، المعتقد وبنية الحدّ الأدنى، المطلق ونسبية الآلهة في معتقدات الشرق الأقصى، نتيجة ومدخل جديد، الوعي والكون كلانية الوجود في الفيزياء الحديثة ومنشأ الدافع الديني.
-
دين الكتمان ؛ اعتقادات الإسلام الشيعي وأعماله الروحانية
مازالت المعرفة بالاعتقادات والأعمال الدينية الشيعية محدودة، ويعتريها سوء الفهم. والسبب الأول وراء ذلك أنَّ الدراسات العلمية المتخصصة في التشيع هي في معظمها حديثة للغاية.
وأكثر من ذلك أن أهل هذا الاختصاص من الغربيين لا يزيدون على نحو ثلاثين باحثًا، مع ثلَّة قليلة من علماء الدين الشيعة الذين لا ينشرون بحوثهم إلَّا بلغات العالم الإسلامي.
وهذا عدد زهيد للغاية قياسًا إلى مئات المتخصصين في الإسلام السنِّي الذين يدرسون، منذ أكثر من قرن ونصف القرن، مختلف الاختصاصات في حقول الدراسات العربية والإسلامية.
وهناك أيضًا صروف التاريخ وما يترتَّب عليها من خصومات أيديولوجية.
ولقد كان من كبير عواقب صروفه داخل التشيع نفسه إقصاءُ الأفكار التي حُكم عليها بـ «الانحراف»، وحظر النصوص التي عُدَّت إشكالية.
وأخيرًا، فإنَّ الدِّين الشيعي الذي يُعرِّف نفسه في مصادره الأساسية بأنه في الأصل عقيدة باطنية تلقينية، لا يُفصح عن نفسه بسهولة.
ومن المعتاد في هذه الظروف أن يكون جانبٌ من التعاليم الدينية -وهو الجانب المعدود أكثرها أهمية لا شك- محميًّا بالقواعد التي تحكم كلَّ عقيدة باطنية. وهذه الأسباب المتعددة؛ ما كان منها جوهريًّا في التشيع أو عَرضيًّا، تجعل منه دينًا مكتومًا غير معروف.