اختيار الحياة By Arnold J. Toynbee … في كتاب “اختيار الحياة” يتحاور أرنولد توينبي مع دايساكو إيكيدا في حوار شيق وعميق، فالأول مؤرخ كبير ومؤلف موسوعة دراسة للتاريخ المؤلَفة من اثني عشر مجلداً، وهو عمل يمتلك منظوراً عالمياً لصعود الحضارات وسقوطها بدلاً من أن يركز على تاريخ الدول القومية أو المجموعات العرقية، أما الثاني فهو شخصية ذات مكانة عالمية وزعيم روحي لمنظمة بوذية عالمية مكرسة لتعزيز التعليم والثقافة والسلام. هذا الكتاب ضرورة لجيل جديد من القراء، يطلعهم على النظرة الإطارية والملهمة التي كانت لدى الرجلين، ويطلع القراء على رأييهما بشأن أسئلة جوهرية من قبيل: هل ستختار البشرية إنقاذ مصيرها من خلال ثورة في الفكر والأخلاق؟ أم ستحدث كارثة إذا اتبعت مسارها الحالي نحو تدمير الذات ونهب البيئة؟ كما أنهما يقرّان بأن مصير البشرية مهددٌ بسبب عدم التوازن بين عدم النضج البشري وسرعة الإنجاز التكنولوجي. لكن بالمحصلة، يُمكن للقراء الوصول من بين السطور إلى الرسالة الإيجابية لهذا الحوار الكلاسيكي، والتي تفيد أن الشرور التي يصنعها الإنسان لها علاج من صنع الإنسان أيضاً.

شهدت السنوات الأخيرة عدداً من نقاط التحول التاريخية في العالم الإسلامي، حيث كان لبعضها تأثير مهم في العالم غير الإسلامي، بدءاً من الثورة الإيرانية عام 1979، إلى الحرب الإيرانية-العراقية عام 1980، إلى فترة الثمانينيات وسيطرة القوات الروسية على أفغانستان، ثم الصراع في البوسنة والهرسك…. بعدها حرب الخليج، والتفتيش على الأسلحة في العراق….. وصولاً إلى حادثة برجي مركز التجارة العالمي، كلها أحداث أوجدت مصطلحات جديدة في الإسلام، باتت شائعة اليوم.

ومهما تكن الأحداث، يرى المؤلف أن ما يجب أن يكون واضحاً هو أهمية الإسلام، ويرى أنه بدلاً من التعرف إلى لاهوتية الإسلام، من الأفضل الاطلاع على الصراع والاختلاف بين الإسلام والغرب. كما يرى أنه، وبغض النظر عن الاختلافات الدينية وهي عديدة، فإن “المسلمون لا يختلفون عن سواهم، فهم بشر يدمّون إذا جُرحوا”.

لذلك، سعى المؤلف في هذا الكتاب إلى اختيار خمسين شخصية إسلامية، رغم وجود الكثير من الشخصيات، ورغم صعوبة الإجماع على خمسين شخصية، إلا أن الاختيار جاء في إطار تاريخي بحسب الأحداث والحركات، ولتسهيل الاطلاع، رُتّبت مداخل الاكتاب ترتيباً زمنياً، وخُتم كل مدخل بأهم الأعمال ومراجع إضافية تزيد من معلومات القارئ من الشخصية نفسها.

فيما يلي من صفحات يأخذنا تود سلون بخبرته النفسية والسوسيولوجية العميقة في جولة نقدية لعلم نفس اتخاذ القرار، موضحًا الأسس الكامنة خلفه، ونقاط القصور والضعف المتأصلة في الجهاز المفاهيمي والفكري الذي قامت عليه هذه الكتابات.

إن سلون في هذا الكتاب تعمد ألا يقدم للقارئ قوالب ونصائح جاهزة من جنس ما ينتقده على كتب علم النفس الشعبي وغيرها من الكتابات، بل هو بالأحرى يدفع القارئ للتفكير النقدي ويفتح أمامه آفاق أرحب مما تقدمه هذه الكتابات، فهو كتابٌ – كما يصفه بنفسه – “دليل ضد أدلة المساعدة الذاتية anti-guide”.

وفي الختام، أنوّه إلى أننا آثرنا أن يكون العنوان “خيارات الحياة: اتخاذ القرار وخداع النفس“؛ وهو عنوانٌ أقرب إلى عنوان النسخة الأقدم من هذا الكتاب، كما أننا رأيناه يقرب للقارئ محتوى الكتاب ومضمونه.